يوميات لم يغطيها الغبار بعد
14-8-2020 11:45:40 PM
خلال مراجعتي لملاك الديوان لمحاولة النظر بتوزيع المهام و تدوير الموظفين بين الهيئات الرقابية و مناقشة ذلك في مجلس الرقابة وجدت أن هناك أحد رؤساء الهيئات غير مكلف بأدارة أية هيئة رقابية , و عند الاستفسار عن ذلك في المجلس فقد بين مدير عام الدائرة الأدارية أن لدى هذا الموظف مشاكل صحية تحول دون تكليفه بمسؤولية اداره هيئه رقابيه أضافة الى وجود أشكالات أدارية في محافظته أضطرت الأدارة الى سحبه الى بغداد حفاظاً على صحته .
أستدعيته للمقابلة وأستمر النقاش مطولاً لكسر حاجز الرسمية في العلاقة، اذ لم يسبق ان تعرفت عليه. عندها قلت له هل يمكنك أداء العمل الرقابي دون اشكاليه صحية، أجاب بالإيجاب، ثم ذهبت الى ابعد من ذلك. ما رأيك بأن تكلف بأكبر مهمة استثنائية في التدقيق لهذا العام وتثبت للجميع أنك لازلت رقيباً متميزاً، عندها بدى مستغرباً ومتحفزاً في ذات الوقت، قلت له نحن بحاجة لفتح هيئة رقابية جديدة الان بعد أن أعيد تشكيل وزارة الدفاع وأرشحك لرئاسة هذه الهيئة، وباشر فعلاً مهمته. و كانت المهمة التي كلف بها أضافة الى تنظيم عمل الهيئة الرقابية التي ترأسها, أن يدير ثلاث فرق رقابية شكلت فور تكليف الديوان بتدقيق عقود وزارة الدفاع لعام 2004 , كنت قد طلبت في حينه من السيد نائب رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية برئاسة د اياد علاوي ,ان تقترن مباشره الديوان تدقيقه لهذه العقود بمنع كافة المسؤولين في وزارة الدفاع اعتبارا من السيد الوزير لغاية درجة مدير عام ,من السفر خارج العراق حتى انتهاء المهمة و أن توفر كافة العقود أمام الفرق الرقابية و يؤمن موقع لها داخل المنطقة الدولية لضمان سلامة المدققين و مباشرة التدقيق الميداني , و هكذا كان و لم يطلق السفر للسادة مسؤولي وزارة الدفاع ألا بعد أن أنجز التقرير الرقابي و قدم على مكتب رئيس الوزراء.
ترتب على ما ورد في التقرير من تشخيص للهدر والتلاعب بالمال العام، صدور أحكام قضائية على المسؤولين عن هذه المخالفات وقد كان ذلك التقرير من أفضل ما أنجزه الديوان أن ذاك.
ولخطورة المهمة ولكون المدققين هم رأسمال الديوان والعيون البلاد في الحفاظ على المال العام ويجب الحرص على سلامتهم أضافة الى الواجب الشرعي والأخلاقي الذي يفرضه شرف المسؤولية في تأمين ذلك. فقد تم سحب كافة الفرق التدقيقية العاملة على هذا التقرير من مقر الهيئة ومنحهم إجازة، في حين تم أبعاد الموظف المسؤول عن هذه الفرق مع بعض من رقبائها في أول فرصة تدريبية خارج العراق.
قلة أولئك الذين تتوفر لهم فرصة للأبداع والدفاع عن الثوابت ويتقاعسون عنها، حتى وأن كانت ظروفهم الصحية أو الشخصية تحد من ذلك.
كنت دائماً أقول ولا زلت أؤمن (مهما غطى الصداء لسبب أو لأخر بعض من العاملين فأن القائد الأداري في أي قطاع كان يستطيع ان يزيح هذا الصداء إذا ما حقق شرطي العدل والوضوح في عمله والتزم بها).