يوميات لم يغطها غبار بعد نحن و المنظمات الدولية (6)
26-8-2020 12:56:52 PM
نحن و المنظمات الدولية
(6)
ديوان الرقابة المالية الاتحادي
14/10/2004-14/10/2014
أبتداء في عام 2004 تفعيل أتفاق كان قائم بين ديوان الرقابة المالية و البرنامج الأنمائي للأمم المتحدة يتضمن تقديم الدعم الفني عبر أقامة دورات و ورش تدريبية لكوادر الديوان و قد تصادف مع مباشرتي المسؤولية في الديوان الحاجة لعقد أجتماع بمديري هذا البرنامج في عمان , لم يكن لي سابق معرفة بتفاصيله فقد كان للمرحوم أحسان غانم رئيس الديوان الذي سبقني دورة في تأمين هذا البرنامج . أستفسرت من القسم المعني في الديوان عن طبيعة هذا البرنامج فقد كان ضمن منحة مقدمة للعراق لتطوير وتقوية الأجهزة الرقابية فيه و تنمية القدرات الأدارية للأجهزة الحكومية , فوجدت أن البرنامج لم يزل في بدايته حيث سبق أن عقد اجتماعاً بروتوكولياً جرى في عمان للأحتفال بأطلاق البرنامج . و هكذا لم يكن لدينا تفاصيل أكثر من ذلك .
عقد الاجتماع و تعرفت على رئيس البرنامج و كانت أمرأة فاضلة كندية الجنسية سورية الأصل ( من المهاجرين الأرمن ) , و حضر الاجتماع رئيس ديوان المحاسبة الأردني و أمينه العام السيد مصطفى البراري ( و الذي أصبح لاحقاً رئيس للجهاز ) و عدد من المدراء المتخصصين في التدريب . لم يكن لدى زملائي في الوفد العراقي الأوليات التفصيلية لما طرحته مديرة البرنامج فقد بينت عدد الدورات التي ستقام و طبيعتها و التخصصات التي ستستهدف بالتنمية , سألت زملائي أذا كانت الأمم المتحدة قدمت هذا البرنامج للعراق فما هي طبيعة تواجد ومشاركه الأخوة في الجهاز الأردني , أبلغوني أن هذا ما تم في الأجتماع الأول وهذا الأجتماع هو أستكمال له , بعد أن شكرت الأخوة الأردنيين على كرمهم و أهتمامهم برعاية البرنامج , توجهت الى مدير البرنامج بالاستفسارمباشرةً حيث لم تكن أجابة زملائي كافية لأزالة هذا اللبس , فقد تفاجأت من أستفساري عن دور الجهاز الأردني بذلك ( رغم مودتي و تقديري حقيقة الى هذا اليوم لهذا الجهاز و الذي لم يبخل بكل أمكاناته لدعمنا ) .
قالت أن ديوان المحاسبة الأردني شريك في البرنامج عند ذلك أصبح من غير المناسب الدخول في مناقشة الامر أكثر بوجود الاخوة الأردنيين مع كل ما يتمتعوا به من خلق رفيع و كريم و ضيافة . طلبت من المدير الأطلاع على تفاصيل موازنة البرنامج و طبيعة الدورات المستهدف أقامتها من خلال البرنامج , فزاد استغرابها حيث ان الأنطباع الذي تولد لهذه الجهات أن العراق متلقي فقط و أصبح مالوفاً أن لا يعترض كثيرأ على مثل هذه العلاقة .
فكانت هذه فرصة لطلب الأجتماع معها و الوفد العراقي فقط و هكذا كان , و عند بدء الأجتماع طلبت منها توضيح طبيعة العلاقة مع الديوان الأردني قدر تعلق الامر بالبرنامج , فقالت أنه يتمتع بقدرات متقدمة و مفيدة في مجال تدريب الكوادر العراقية و بشكل خاص في مجال ( تقويم الأداء ) , فقلت أذا كان الامر كذلك و أن البرنامج هو بين الأمم المتحدة و العراق حصراً , فيتم تكليف الجهاز الأردني بأقامة دورة في مجال تقويم الأداء للكادر العراقي , و ليس أبعد من ذلك .
طلبت الاطلاع على تفاصيل البرنامج و مناقشته فقرة فقرة و المبالغ المتوقع أنفاقها على كل برنامج ( للمتدربين التي تقوم بالتدريب )
عند ذلك أدركت مدير البرنامج بجدية الجانب العراقي , فأوضحت لها أن العراق لم يبداء من فراغ رغم أنه شبه منقطع عن العالم الخارجي منذ عام 1980 و أن المطلوب تفعيل هذه البرامج لردم الهوه بيننا و بين ما وصل اليه العالم .
و لذا فقد تم تعديل البرنامج ليشمل تدريب مدربين و ليس الكوادر فقط و هنا أصبحت المدير أكثر أندفاعاً و حرص على إنجاح البرنامج و قامت بأستبدال الخبراء المساعدين لها من العاملين بالأمم المتحدة بشباب أكثر فاعلية وحركة , و أعدنا مراجعة كامل البرنامج و نجحنا في أن نهيئ كادراً تدريبياً مناسباً لأقامة دورات مشابهه في العراق و تشمل القيام بتدريب الجهات الحكومية المعنية و ليس كوادر الديوان فقط.
طبعاً المنظمات الدولية ليست بعيدة عن وجود الفساد أو أستغلال الفرص لمنافع شخصية , و لكن التجربة أثبتت لي أن تعاملهم يعتمد على الطرف العراقي و جديته في القضية التي يشترك بها معهم .
فأذا كان يفهم أن هذه المساعدات تؤمن الأيفادات و الترويح بجزأها الأكبر فهم أكثر سعادة منه في مناهج السفر و الترويح و أذا كان جاداً و حريص فلن يكونوا أقل منه حرصاً على نجاح برنامجهم المشترك .
طبعاً أستمرت المديرة تتفاخر ولسنوات بأن هذا البرنامج قد حاز على تقدير البرنامج الأنجح في برامج الأمم المتحدة في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا في حينه مثلما كنا سعداء في الكفاءات التي استطعنا توفيرها للديوان والجهات الحكومية الأخرى , كما هو الحال مع البرنامج الذي قدمه البنك الدولي للديوان بعد أنتهاء البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة .
د.عبد الباسط تركي سعيد